كيف نستقبل شهر رمضان؟؟
بسم الله الرحمــــــان الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد أمير الأنبياء والمرسلين
كيف نستقبل شهر رمضان
يقول الله سبحانه وتعالى في الذكر الحكيم وهو أصدق القائلين ﴿شَهرُ رَمَضانَ الذِي أُنزِلَ فيهِ القُرْآنُ هُدًى للنّاسِ وبيِّنـَاتٍ مِنَ الهُدَى والفُرْقان﴾ صدق الله العظيم.
ويقول السيد الأعظم صلى الله عليه وسلم: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبوابُ النّارِ وصفِّدَتْ الشياطين ونادى مناد من قِبَلِ الحقّ تبارك وتعالى يا باغي الخيرِ أقبل ويا باغيَ الشرِّ أقصُرْ. صدق حبيب الله.
في هذا الشهر الكريم أشرق على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها هلال شهر رمضان المعظم الذي أكرم الله به الأمّة المحمدية من بين سائر الأمم وجعله شهر العبادة وتلاوة القرآن، يجب علينا أن نستقبله بالإخلاص وطهارة القلب ونقاوة السريرة، ونحتضنه بالإنابة إلى ربِّ الأرباب وتلاوة القرآن وذكر الديّان وصلة الأرحام وبذل الإحسان. شهر رمضان شهر عظيم فيه نزل القرآن الكريم هدًى للعالمين وموعظة للمؤمنين ونور للخلق أجمعين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتحُ فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب جهنم.
لقد كان رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم ينتظر رمضان من مطلع هلال رجب. ويقول اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان. وإذا أقبل شهر رمضان يقول أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فيُنزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ينظر الله عز وجل إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فَأرُوا الله من أنفسكم خيرا فإنّ الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل.
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا كان أول ليلةٍ من رمضان يقول الله تعالى من ذا الذي يحبُّنا فنُحبُّهُ. ومن ذا الذي يطلبنا فنطلبه. ومن ذا الذي يستغفرنا فنغفر له بحرمة رمضان فيأمر الله تعالى الكرام الكاتبين في شهر رمضان بأن يكتبوا لهم الحسنات ولا يكتبوا عليهم السيئات ويمحوا الله تعالى عنهم ذنوبهم الماضية. وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرح بدخول رمضان حرم الله جسده على النيران. وقال عليه الصلاة والسلام الجنة مشتاقة إلى أربعة نفر تالي القرآن وحافظ اللسان ومطعم الجوعان والصّائمين في شهر رمضان.
وقال الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام . إني أعطيت أمة محمدٍ نورين كيلا يضرهم ظلمتان. فقال موسى ما النوران يا ربّ؟ فقال الله تعالى نور رمضان ونور القرآن ، فقال موسى ومَا الظلمتان يا ربّ ؟ فقال تعالى ظلمة القبر وظلمة يوم القيامة.
وجاءَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنّ الله تعالى يأمر الكِرَامَ الكاتبين في شهر رمضان أن يكتبوا الحسنات لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يكتبوا عليهم السيئات ويُذْهبُ عنهم الذنوب الماضية. صدق رسول الله.
وشهر رمضان كله بركة وخير وسعادة سوَاءٌ في الدنيا أو في الآخرة، قال سيدنا علي رضي الله عنه: لوْ أراد الله أن يُعذِّبَ أُمَّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطاهُمْ رمضانَ و﴿قل هو الله أحد﴾ وقال كعب الأحبار أوْحى الله إلى موسى عليه السلام إنّي كَتبْتُ على نفسي أنْ لا أَرُدَّ دعْوَةَ صائمِ رمضانَ.
وقال سيدنا موسى عليه السلام يا ربِّ أكرمتني بالتكليم فهل أعطيت أحَدًا مثل ذلك فأوحى الله تعالى إليه يا موسى إنَّ لي عبادًا أخرجهم في آخر الزمان وأكرمهم بشهر رمضان فأكون أقرب إلى أحدهم منك لأنك كلمتني وبيني وبينك سبعون ألف حجاب فإذا صامت أمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى ابيضّت شفاههم واصفرت ألوانهم أرفع الحجب بيني وبينهم وقت إفطارهم يا موسى طُوبى لمن عطش كبده وأجاع بطنه في رمضان.
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في بستان الواعظين. مثل الشهور الإثني عشر كمثل يعقوب فكما أن يوسف أحبُّ أولادِ يعقوب إليه كذلك رمضان أحب الشهور إلى الله فيغفر الله لهم بدعوة واحد منهم وهو يوسف. كذلك يغفر الله ذنوب أَحَدَ عشرًا ببركة رمضان. وجاءَ في طبقات عيون المجالس في قوله تعالى ﴿منْ جَاءَ بالحسَنةِ فلَهُ عشْرُ أَمْثَالهَا﴾ أَنّ صيَّام رمضان بعشرة أشهر يبقى شهران فيغفر الله ذنوب شهر برحمته وذنوب شهر بشفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
=لطيفة= فإن قيل كيف صار رمضان ثلاثين يوما؟ فالجواب أن اليهود سألوا النبىء صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لأن آدم لمّا أكل من الشجرة بقي الطعام في بطنه ثلاثين يوما فافترض الله الجوع على ذريته ثلاثين يوما ـ ذكره أبو الليث السمرقندي ـ
وقال مكحول رضي الله عنه تهب على أهل الجنة ريح طيبة فيقولون ربّنا ما أطيب هذه الرّيح فيقول الله تعالى ريح أفواه الصائمين أطيب من هذه الرّيح.
وجاء في الخبر إذا صعد الملك بالصوم إلى الله تعالى فيقول أكرمك عبدي وعظمك ؟ فيقول الصوم نعم يا ربّ أنزلني في أشرف المواضع من نفسه ووضعني على مائدة الصلاة والتراويح وقام بخدمتي وحفظ عينيه عن الحرام وسمعه عن الباطل فيقول الله تعالى اليوم أنزله في مقعد صدق عند مليك مقتدر . وجاء في حديث آخر إذا كان يوم القيامة أوحى الله إلى رضوان إنّي أخرجت الصائمين من قبورهم جائعين عطاشا فاستقبلهم بشهواتهم من الجنة فيصيح رضوان أيها الغلمان والولدان عليكم بأطباق من نور فتجتمع عنده أكثر من الكواكب بالفاكهة والأشربة اللذيذة فيستقبلون الصائمين والصائمات ويقال لهم كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية.
وفي شهر رمضان يستحب الإكثار من الصدقات على اختلاف أنواعها على حسب استطاعة المتصدق لأن الصدقة ليس لها حدٌّ محدود ولو بشربة ماء أو شقّ تمرة أو قطعة من الخبز ، قال سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر شعبان فقال أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك فيه ليلة القدر خير من ألف شهر فرض الله صيّامه وجعل قيامه تطوعا من أدى فيه فريضة كان كمن أعتق رقبة وكمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر يزاد فيه رزق المؤمن من فطر فيه صائما كان كمن أعتق رقبة وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم قال يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذْقَةِ لبن وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائما في شهر رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ليالي شهر رمضان كلها وصلى عليه جبريل ، وفي رواية صافحه جبريل ليلة القدر.
وكما تعلمون الصلاة من الملائكة استغفار للمؤمنين اللذين يصلون عليهم.
وفي ختام هذا الشهر الكريم تأتي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وختامه مسك.
بقول العلماء سلم الله على نوح في العالمين فأورثه النصر على الكفرة بعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، وسلم الله على موسى فأورثه السلامة في البحر وسلم الله على عيسى فأورثه إحياء الموتى وسلم الله على إبراهيم فأورثه النجاة من النار. وسلم الله على محمد صلى الله عليه وسلم فأورثه الشفاعة وسلم الله على أمّته ليلة القدر فأورثهم الرحمة.
وجاء في عيون المجالس ، خطر على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ما يفعل الله بأمّته فأوحى الله إليه يا محمد إلى كم تقاسي غمّ الأمّة لا أُخرجهم من الدنيا حتى أعطيهم درجة الأنبياء في الدنيا لأن درجات الأنبياء نزول الملائكة عليهم بالوحي والسّلام مني، فكذلك أمتك تنزل عليهم الملائكة ليلة القدر بالرحمة والسلام مني.
وأختم هذه العجالة بما جاء عن كعب الأحبار : من قال لا إله إلا الله صادق ليلة القدر ثلاث مرات غفر الله له بواحدة ونجاه من النار بواحدة دخل الجنة بواحدة وأترككم تتمتعون بفضل كلمة التوحيد.
وأشكركم على لطيف اهتمامكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس